27 - 06 - 2024

وجهة نظري | سلموا لي على الحبايب

وجهة نظري | سلموا لي على الحبايب

خطف العيون والقلوب بجلبابه المتواضع البسيط وأقفاص البرتقال التي بدت هي كل مايحمله من رأس مال مثله كملايبن الباعة الجائلين ممن يكدون ليل نهار للحصول على قوت يومهم الهزيل.

لم يمنعه ضيق حاله من التحرك بقوة وشهامة تمتد يده بسرعة لتلتقط أكبر مايمكن حمله من ثمرات البرتقال.. يهرول بها بسرعة ثم يطيح بها بأقصى مايستطيع لتستقر أعلى الشاحنات بعدما لفتت نظره قوافلها تحمل إسم البلد الشقيق الحزين.

بدت تلقائيته واضحة لا تقل وضوحا عن حماسه الطاغى على كل خطواته وحركة جسده السريعة ويده الممتدة بعزم ووجهه الواشي بتحدى ورغبة في إرسال أقصى ماتجود به اليد حتى لو بدت متواضعة قليلة.. كانت رسالته أقوى كثيرا وأعمق من ثمرات البرتقال التي يقذفها سرعة لتبدو مثل صرخة رفض لما يحدث من حرب لإبادة أصحاب الحق والأرض، أو ربما ربما صيحة مؤازرة من قلب شقيق يخبرهم بأننا معهم أو هى اقرب لباقات ورد يحاول أن يهديها لأشقاء منكوبين علها تخفف قدرا من حزنهم. وربما تبدو أيضا مثل قنابل لاتطولها يده لكنها تداعب خياله يتمنى أن يقذف بها ليحرق قلب عدو مثلما دمر وحرق وأباد شعبا أعزل محاصرا بلا طعام ولا شراب ولا دواء ولا جدران تحميه من قذائف عدو لايعرف الرحمة.

أمام أيام حزينة ممتدة بطول حرب الإبادة الوحشية لتلف أرواحنا بسواد الألم الجاثم فوق قلوب تئن من وطأة الإحساس بالضعف والعجز وقلة الحيلة.. يأتى مشهد الرجل الرمز ليخفف قدرا من الوجع.. كان كل مافيه يترجم ما نشعر به جميعا .. رغبة في إرسال رسالة .. فى مد يد العون. فى مشاركة بقدر ما نستطيع بكلمات حانية مؤازرة مشجعة "سلموا لى على الحبايب"..

لا أعرف حقيقة إذا كان يرددها أم أن الكلمات جاءت مصاحبة لرسومات انتشرت على مواقع التواصل الإجتماعى مترجمة لسان حال البائع المتجول البسيط.

أيا ما كان هي رسالتنا جميعا "سلموا لى على الحبايب" وليتهم يسامحونا ..

سامحونا على العجز والضعف وقلة الحيلة.. سامحونا على الصمت على ضعف أصحاب عروش وملوك وأصحاب فخامة وسمو لم تطلهم ذرة من حماس البائع البسيط! لم يسرعوا مثلما فعل لتقديم كل ما لديهم يد العون لرفع يد الظلم على الشعب المبتلى بجبروت عدو لايعرف الرحمة.. لم يقفوا بقوة لمنع جرائم الإبادة اليومية التي تحدث على مرأى ومسمع الجميع، ولم يرحموا دموع أطفال وشيوخ ونساء، وقفوا صامتين أمام دماء تنزف وأرواح تزهق وبيوت تدمر ودمار يطيح بكل البشر والحجر.

لم يجهدوا أنفسهم حتى بمجرد التلويح بأوراق الضغط التي يمتلكونها فانتزعوا أوراق التوت التي كانت تخفى خنوعهم وتخاذلهم.

غابت المواقف الرسمية العربية الحاسمة الرادعة الأبية، فلم يعد أمامنا سوى المشاهد البسيطة الشعبية لتخفف قدرا من ألم العجز، من تاجر البرتقال لصغار يرفضون شراء حلوى اعتادوا عليها وحموا أنفسهم من مشروبات كانوا قد أدمنوها قدموا كل ما يمتلكونه لنصرة القضية قدر ما استطاعوا.

انطلقت حناجرهم بحماس تغنى لفلسطين في المدارس.. تبرعوا بمصروفهم لقوافل المساعدات.. امتدت أيادى آخرين بالدعاء لم تجد غيره من يخفف الألم ولا تمتلك غيره لنصرة القضية.

مشاهد عفوية بسيطة لكنها تخفف قدرا من الإحساس بالعجز .. ووجهها الشباب في عيد الحب بعدما استبدلوا كلمة "الفلانتين بفلسطين".

هى المسكونة حقا في القلب وستظل حتى يتحقق النصر لأصحاب الأرض بعد قهر عدوهم إن شاء الله، وإن غدا لناظره قريب.
------------------------------
بقلم: هالة فؤاد


مقالات اخرى للكاتب

وجهة نظري | إنسانية اللا عرب





اعلان